Admin Admin
عدد المساهمات : 99 تاريخ التسجيل : 28/04/2010 العمر : 37
| موضوع: ::..:. الاحاديث النبوية.:..:: الأربعاء أبريل 28, 2010 7:59 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
اليكم هذا الموضوع
الاحاديث النبوية
موضوعنا هو الاحاديث النبوية مع الشرح المبسط لخاتم الانبياء واخر المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
فكونوا معنا في هذه الرحلة العطرة نستمد من صاحبها الاسوة الحسنة
والقدوة الصالحة
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو يُعطى الناس بدعواهم ، لادّعى رجالٌ أموال قوم ودماءهم ، لكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر ) حديث حسن ، رواه البيهقي وغيره هكذا ، وبعضه في الصحيحين
الشرح
جبل الله النفس على الضعف ، كما قال تعالى :
{ وخلق الإنسان ضعيفا } ( النساء : 28 ) ،
وهذا الضعف يشمل الضعف النفسي ، والضعف البدني ، وقد يصبح الضعف في بعض الأحيان مولداً للأخلاق الرديئة ، والصفات الذميمة ، حتى يقود الإنسان إلى أن يدّعي على أخيه ما ليس من حقّه ، فيزعم أنه قد أخذ له مالاً ، أو سفك له دماً ، أو أخذ أرضا ، بدعوات كثيرة ليست مبنية على دليل أو برهان ، بل هي تهم باطلة قائمة على البغي والعدوان . ولو كانت الموازين البشرية أو مقاييسها هي المرجعية فيما يقع بين الناس من اختلاف ، لعمت الفوضى ، وانتشر الظلم ، وضاعت حقوق الناس ، وأُهدرت دماء واستبيحت أموال بغير حق ، لكن من رحمة الله أنه لم يترك الناس هملا ، ولم يكلهم إلى أنفسهم ، بل شرع لهم من الشرائع ما هو كفيل بتحقيق العدل والإنصاف بين الناس ، وما هو سبيل لتمييز الحق من الباطل ، بميزان لا يميل مع الهوى ، ولا يتأثر بالعاطفة ، ولكنه راسخ رسوخ الجبال ، قائم على الوضوح والبرهان . ومن هذا المنطلق أورد الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث ، ليكون أصلا في باب القضاء بين الناس ، إذ هو منهج يجب أن يسير عليه كل من أراد أن يفصل بين خصومات الناس ، ليعود الحق إلى نصابه وأهله ، ويرتدع أصحاب النفوس المريضة عن التطاول على حقوق غيرهم . إن هذا الحديث يبيّن أن مجرد ادعاء الحق على الخصم لا يكفي ، إذا لم تكن هذه الدعوى مصحوبة ببينة تبين صحة هذه الدعوى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لكن البيّنة على المدّعي ) . وتعريف البيّنة : اسم جامع لكل ما يظهر الحق ويبيّنه ، وعلى هذا فهناك أمور كثيرة يصدق عليها هذا المعنى ، فمن ذلك : الشهود ، فعندما يشهد الشهود على حق من الحقوق فإن ذلك من أعظم البراهين على صدق المدّعي ، ومن هنا أمرنا الله بالإشهاد في الدَّيْن حفظا لهذا الحق من الضياع فقال :
{ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } ( البقرة : 282 ) .
ومن البينات أيضا : إقرار المدعى عليه ، وهو في الحقيقة من أعظم الأدلة على صحة الدعوى ، كما ذكر ذلك الفقهاء ، ومن هذا الباب أيضا : القرائن الدالة على القضية ، وفهم القاضي للمسألة باختبار يجريه على المتخاصمين ، إلى غير ذلك من أنواع البيّنات . فإذا افتقرت هذه الخصومة إلى بينة تدل على الحق ، أو لم تكتمل الأدلة على صحتها ، توجه القاضي إلى المدعى عليه ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالمنكر ، والمقصود أنه ينكر الحق الذي يطالبه به خصمه ، وينكر صحة هذه الدعوى . ويطلب القاضي من المدعى عليه أن يحلف على عدم صدق هذه الدعوى ، فإذا فعل ذلك ، برئت ذمته ، وسقطت الدعوى ، والدليل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال : " كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر ، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله : ( شاهداك أو يمينه ) . ولعل سائلا يسأل : لماذا اختص المدعي بالبينة ، والمنكر باليمين ؟ وما هي الحكمة من هذا التقسيم ؟ والجواب على ذلك : أن الشخص إذا ادعى على غيره أمرا ، فإنه يدعي أمرا خفيا يخالف ظاهر الحال ، فلذلك يحتاج إلى أن يساند دعواه تلك ببيّنة ظاهرة قوية تؤيد صحة دعواه ، بينما يتمسّك المنكر بظاهر الأمر ، ويبقى على الأصل ، فجاءت الحجة الأضعف – وهي اليمين – في حقه . فإذا لم يأت المدعي بالبينة ، وأنكر المدعى عليه استحقاق خصمه وحلف على ذلك ، لزم القاضي أن يحكم لصالح المنكر ، لأنه حكمه هذا مبني على ظاهر الأمر والحال . لكن ثمة أمر ينبغي التنبيه عليه ، وهو أن قضاء القاضي لا يحل حراما ولا يحل حلالا ، ولا يغير من حقائق الأمور ، لأن القاضي لا يعلم الغيب ، وقد يكون هناك من الأدلة الزائفة أو الشهادات الكاذبة ما يخفى عليه فيحكم بموجبها ، كما ثبت في البخاري و مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وأقضي له على نحو مما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ ، فإنما أقطع له قطعة من النار )
، وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على تخويف الناس من أخذ الحرام فقال :
( من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر – أي كاذب - ، لقي الله وهو عليه غضبان ) ،
وأنزل الله تصديق ذلك :
{ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ( آل عمران : 77 ) .
وعلى أية حال : فإن هذا الحديث تربية شاملة للأمة الإسلامية على الأمانة في أقوالهم ، والعدل في أحكامهم ، دون النظر إلى لون أو جنس أو معرفة سابقة ، وجدير بمجتمع يقوم على هذه القيم أن يكتب له التمكين على الأرض | |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 99 تاريخ التسجيل : 28/04/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: ::..:. الاحاديث النبوية.:..:: الأربعاء أبريل 28, 2010 8:01 am | |
| { الطهور شطر الإيمان }
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان
وسبحان الله والحمد لله تملآن – تملأ –
ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء
والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو
فبائع نفسه ، فمعتقها أو موبقها ) رواه مسلم .
الشرح
كان من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في قومه ما أوتيه من الفصاحة والبلاغة
في كلامه ؛ فعلى الرغم من كونه أميا لا يحسن القراءة و الكتابة
إلا أنه أعجز الفصحاء ببلاغته
ومن أبرز سمات هذا الإعجاز ما عُرف به من جوامع الكلم
فإنه صلى الله عليه وسلم كان يرشد أمته ويوجهها بألفاظ قليلة
تحمل في طيّاتها العديد من المعاني
ولم تكن هذه الألفاظ متكلفة أو صعبة
بل كانت سهلة ميسورة على جميع فئات الناس .
وها نحن أيها القاريء الكريم ، نتناول أحد جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم
فإن هذا الحديث قد اشتمل على العديد من التوجيهات الرائعة
والعظات السامية ، تدعوا كل من آمن بالله ربا ، وبالإسلام دينا
أن يتمسك بها ، ويعمل بمقتضاها .
وأول ما ابتدأ به النبي صلى الله عليه وسلم وصيّته هو الطهور
والطهور شرط الصلاة ، ومفتاح من مفاتيح أبواب الجنان
ويقصد به الفعل الشرعي الذي يزيل الخبث ، ويرفع الحدث
ولا تصح الصلاة إلا به ، ويشمل أيضا تطهير الثياب والبدن والمكان .
وقد اختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم :
( الطهور شطر الإيمان ) على أقوال ، منها :
أن الإيمان الحقيقي يشمل طهارة الباطن والظاهر ، والوضوء يطهّر الظاهر
وهذا يدل على أن الوضوء شطر الإيمان
واستشهدوا بالحديث الذي رواه مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من توضأ فأحسن الوضوء ، خرجت خطاياه من جسده ، حتى تخرج من تحت أظفاره )
وقالوا أيضا : الطهارة هي شطر الصلاة ؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بطهور
ومستند هذا القول أن المقصود بقوله في الحديث :
( شطر الإيمان ) هو : الصلاة ، ونظير ذلك قوله تعالى :
{ وما كان الله ليضيع إيمانكم }
( البقرة : 143 )
أي : صلاتكم ، ومما قالوه أيضا : أن الطهور شطر الإيمان
لأن الطهارة تُكفر صغائر الذنوب ، بينما الإيمان يكفر الكبائر
فصار شطر الإيمان بهذا الاعتبار ، ولعل من الملاحظ أن هذه الأقوال متقاربة
وكلها تصب في ذات المعنى . ثم انتقل الحديث إلى الترغيب في ذكر الله عزوجل ، فقال :
( والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن – تملأ – ما بين السماوات والأرض )
وهذا يبين عظيم الأجر المترتب على هذه الكلمات الطيبات
فالحمد لله تملأ الميزان يوم القيامة
وذلك لما اشتملت عليه من الثناء على الله سبحانه وتعالى والتبجيل له
لذلك يستحب للعبد إذا دعا أن يقدم بين يديه الثناء الجميل
مما يكون أدعى لقبول دعائه
ثم إن الحمد والتسبيح يملآن ما بين السماء والأرض – بنص الحديث -
والسرّ في ذلك : ما اجتمع فيهما من التنزيه للذات الإلهية
والثناء عليها ، وما يقتضيه ذلك من الافتقار إلى الله
وهذا ما جعل هاتين الكلمتين حبيبتين إلى الرحمن ، كما جاء في حديث آخر .
وأما الصلاة ، فقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنور
وإذا كان الناس يستعينون على الظلمة بالنور ، كي تتضح لهم معالم الطريق
ويهتدوا إلى وجهتهم ، فذلك شأن الصلاة أيضا
فهي نور الهداية الذي يلتمسه العبد ؛ حيث تمنع الصلاة صاحبها من المعاصي
وتنهاه عن المنكر ، كما قال تعالى في كتابه :
{ وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر }
( العنكبوت : 45 )
ويقوى هذا النور حتى يُرى أثره على وجه صاحبه ، قال الله تعالى :
{ سيماهم في وجوههم من أثر السجود }
( الفتح : 29 )
ولن تكون الصلاة نورا لصاحبها في الدنيا فحسب
بل يشمل ذلك الدار الآخرة ، كما قال عليه الصلاة والسلام :
( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد ، بالنور التام يوم القيامة )
رواه الترمذي .
وإذا كانت الصلاة من مظاهر العبودية البدنية ، فإن الصدقة تعد عبادة مالية
يزكّي بها المسلم ماله ، ويطهّر بها روحه من بخلها وحرصها على المال
لاسيما وأن النفوس قد جبلت على محبّة المال والحرص على جمعه
كما قال الله عزوجل في كتابه : { وتحبون المال حبا جما }
( الفجر : 20 ) .
ومن محاسن هذه العبادة – أي الصدقة - أن نفعها متعد إلى الغير
إذ بها تُسدّ حاجة الفقير وتُشبع جوعته ، ويكفل بها اليتيم
وغير ذلك من مظاهر تلاحم لبنات المجتمع المسلم
الأمر الذي جعل هذه العبادة من أحب الأعمال إلى الله تعالى
وبرهانا ساطعا على إيمان صاحبها ، وصدق يقينه بربّه .
ولنقف قليلا مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث :
( والصبر ضياء ) ، لنستوضح دقة هذا التعبير النبوي وروعته
فإنه صلى الله عليه وسلم قد وصف الصبر بالضياء
والضياء في حقيقته : النور الذي يصاحبه شيء من الحرارة والإحراق
بعكس النور الذي يكون فيه الإشراق من غير هذه الحرارة
ويوضّح هذا المعنى قوله تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا }
( يونس : 5 )
فالشمس ضياء لأنها مشتملة على النور والحرارة والإحراق
أما القمر فهو نور ، وإذا عدنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( والصبر ضياء )
أدركنا أن الصبر لابد أن يصاحبه شيء من المعاناة والمشقة
وأن فيه نوعاً من المكابدة للصعاب
فلا ينبغي للمسلم أن يعجزه ذلك أو يفتّ من عزيمته
ولكن ليستعن بالله عزوجل ، ويحسن التوكل عليه ،
حتى تمرّ المحنة ، وتنكشف الغمّة .
ثم ينتقل بنا المطاف إلى الحديث عن القرآن الكريم
فإن الله عزوجل أنزل كتابه ليكون منهاجا للمؤمنين وإماما لهم
يبيّن لهم معالم هذا الدين ، ويوضّح لهم أحكامه ، ويأمرهم بكل فضيلة
وينهاهم عن كل رذيلة ، فانقسم الناس نحوه إلى فريقين :
فريق عمل بما فيه ، ووقف عند حدوده ، وتلاه حق تلاوته
وجعله أنيسه في خلوته ، فذلك السعيد به يوم القيامة
وفريق لم ينتفع به ، بل هجر قراءته ، وانحرف عن دربه ولم يعمل بأحكامه
فإن هؤلاء يكون القرآن خصيما لهم يوم القيامة
وبين هذا الفريق وذاك يقول الله عزوجل واصفا إياهما :
{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا }
( الإسراء : 82 ).
ثم يتوّج النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بوصية رائعة
يحدد فيها أحوال الناس وطبائعهم ، إذ الناس سائرون في خضم هذه الحياة
يغدون ويروحون ، يكدحون في تحقيق مآربهم وطموحاتهم
والذي يفرُق بينهم : الهدف الذي يعيشون لأجله
فمنهم من سعى إلى فكاك نفسه وعتقها من نار جهنم
فباع نفسه لله تعالى ، ومنهم من جعل همّه الحصول على لذات الدنيا الفانية
وشهواتها الزائلة ، فأهلك نفسه وباعها بثمن بخس
قال الله عزوجل : { ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها
قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها }
( الشمس : 7 – 10 )
فمن زكّى نفسه ، فقد باعها لله ، واشترى بها الجنة
ومن دسّ نفسه في المعاصي ، فقد خاب وخسر
و كتبت عليه الشقاوة في الدنيا والآخرة ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته
ويكرمنا بداستغفر الله جنته
| |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 99 تاريخ التسجيل : 28/04/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: ::..:. الاحاديث النبوية.:..:: الأربعاء أبريل 28, 2010 8:03 am | |
| عن أبي عبدالله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما ، أن رجلا سأل رسول الله عليه وسلم فقال : " أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات ، وصمت رمضان ، وأحللت الحلال ، وحرمت الحرام ، ولم أزد على ذلك شيئا ، أأدخل الجنة ؟ " ، قال : ( نعم ) . رواه مسلم .
ومعنى حرّمت الحرام : اجتنبته، ومعنى أحللت الحلال : فعلته معتقدا حلّه .
الشرح
لما أرسل الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، جعل الغاية من ابتعاثه الرحمة بالخلق ، والإرشاد إلى أقصر الطرق الموصلة إلى رضى الربّ ، وإذا رأينا قوله تعالى :
{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الحج : 107 )
تداعى إلى أذهاننا الكثير من الصور التي تؤكّد هذا المعنى ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يدّخر جهدا في إنقاذ البشرية من الضلال ، وتبصيرهم بالهدى والحق . وتحقيق هذا الهدف يتطلّب الإدراك التام لما عليه البشر من تنوّع في القدرات والطاقات ، إذ من المعلوم أن الناس ليسوا على شاكلة واحدة في ذلك ، بل يتفاوتون تفاوتا كبيرا ، فلئن كان في الصحابة من أمثال الصدّيق و الفاروق وغيرهم من قادات الأمة الذين جاوزت همتهم قمم الجبال وأعالي السحاب ، فإن منهم – في المقابل – الأعرابي في البادية ، والمرأة الضعيفة ، وكبير السنّ ، وغيرهم ممن هم أدنى همّة وأقل طموحا من أولئك الصفوة . ولذلك نرى – في الحديث الذي نتناوله – هذا الصحابي ، وقد أتى ليسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سؤال المشتاق إلى ما أعده الله تعالى لعباده المتقين في الجنة ، ومسترشدا عن أقصر الطرق التي تبلغه منازلها ، فقال : " أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات ، وصمت رمضان ، وأحللت الحلال ، وحرمت الحرام ، ولم أزد على ذلك شيئا ، أأدخل الجنة ؟ ". إن هذا السؤال قد ورد على ألسنة عدد من الصحابة رضوان الله عليهم بأشكال متعددة ، وعبارات متنوعة ، فقد ورد في صحيح البخاري و مسلم ، أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خمس صلوات في اليوم والليلة ) ، فقال : هل علي غيرها ؟ ، قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وصيام رمضان ) ، قال : هل علي غيره ؟ ، قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة ، قال : هل علي غيرها ؟ ، قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ، قال : فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفلح إن صدق ) ، وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة ؟ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم ) رواه البخاري .
ومما لا ريب فيه أن السائل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي نحن بصدده – كان دقيقا في اختياره للمنهج الذي رسمه لنفسه ؛ فإنه قد ذكر الصلوات المكتوبات ، وهي أعظم أمور الدين بعد الشهادتين ، بل إن تاركها بالكلية خارج عن ملة الإسلام ، كما جاء في الحديث الصحيح :
( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) .
وبعد الصلاة ذكر صوم رمضان ، وهو أحد أركان الإسلام العظام ، و مما أجمع عليه المسلمون ، وقد رتّب الله عليه أجراً كبيراً ،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
ثم أكّد التزامه التام بالوقوف عند حدود الله وشرائعه ، متمثلا بتحليل ما أحله الله في كتابه ، وبيّنه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، واجتناب ما ورد في هذين المصدرين من المحرمات ، مكتفيا بما سبق ، غير مستزيد من الفضائل والمستحبات الواردة . ولسائل أن يسأل : لماذا لم يرد ذكر للحج والزكاة في الحديث ، على الرغم من كونهما من أركان الإسلام ، ولا يقلان أهمية عن غيرهما ؟ والحقيقة أن الجواب على ذلك يحتاج منا إلى أن نعرف الفرق بين الحج والزكاة وبين غيرهما من العبادات ، فإن فرضيتهما لا تتناول جميع المكلفين ، فالحج لا يجب إلا على المستطيع ،
كما قال الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } (آل عمران : 97 ) ،
كذلك الزكاة لا تجب إلا على من ملك النصاب ، ونستطيع أن نقول أيضاً : إن هذا الحديث ربما ورد قبل أن تفرض الزكاة أو الحج ؛ فإن الحج قد فُرض في السنة الثامنة ، والزكاة وإن كانت قد فُرضت في مكة فإنها كانت عامة من غير تحديد النصاب ، ولم يأتي بيان النصاب إلا في المدينة ، ولعل هذا هو السر في عدم ذكرهما في الحديث . وهنا تأتي البشرى من النبي صلى الله عليه وسلم ، ليبين أن الالتزام بهذا المنهج الواضح ، كاف لداستغفر الله الجنة ، وهذا يعكس ما عليه الإسلام من يسر وسماحة ، وبعدٍ عن المشقّة والعنت ، فهو يسرٌ في عقيدته ، يسرٌ في عباداته وتكاليفه ، واقع ضمن حدود وطاقات البشر ، وهذا مما اختص الله تعالى به هذه الأمة دون سائر الأمم . لكن ثمة أمر ينبغي ألا نُغفل ذكره ، وهو أن التزام العبد بالطاعات وفق ما أمر الله به ، واجتناب المحرمات وتركها ، يحتاج إلى عزيمة صادقة ، ومجاهدة حقيقية للنفس ، وليس اتكالا على سلامة القلب ، وصفاء النية ، وليس اعتمادا على سعة رحمة الله فحسب ، لأن للجنة ثمنا ، وثمنها هو العمل الصالح كما
قال الله تعالى : { وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } ( الزخرف : 72 )
، فإذا صدقت نية العبد ، أورثته العمل ولابد . وعلى أية حال فإنه يجب على الدعاة إلى الله أن يفهموا طبيعة هذا الدين ؛ حتى يتمكّنوا من تربية الناس على مبادئه ، نسأل الله تعالى أن يلهمنا الخير والصواب ، والحمد لله رب العالمين .
| |
|